التغلب على البطالة بتحمّل المسؤولية الذاتية

✍️ بقلم: إسلام أحمد الديب
لطالما اعتُبرت البطالة تحديًا هيكليًا يقع عبء حلّه بالكامل على الحكومات، إلا أن التحولات الاقتصادية الحديثة أثبتت أن الحل الحقيقي لا يكمن في انتظار الوظيفة الحكومية أو إلقاء اللوم على الظروف، بل في تبنّي استراتيجية التمكين الذاتي التي تجعل الفرد شريكًا أساسيًا في حل المشكلة. إن تجاوز هذه الأزمة يبدأ من تغيير العقلية: التحول من باحث عن فرصة إلى صانع للفرص.
—
1. الفرد: التحوّل من مستهلك إلى مُنتِج
يُعد الفرد المحور الأساسي في معالجة البطالة. فعلى الباحث عن العمل أن يتبنّى مبدأ التعلّم المستمر والاستثمار في ذاته ليصبح مرغوبًا في سوق العمل المتطور.
تطوير المهارات المطلوبة:
لم يعد الحصول على الشهادة الجامعية وحده كافيًا. فالسوق اليوم يحتاج إلى مهارات تقنية ورقمية متقدمة مثل تحليل البيانات، التسويق الرقمي، البرمجة. لذلك يجب استغلال المنصات التعليمية المجانية والمدفوعة لتقليص الفجوة بين التعليم الأكاديمي واحتياجات السوق.
عقلية ريادة الأعمال:
بدلاً من انتظار وظيفة تقليدية، ينبغي على الشباب التفكير في إنشاء مشاريعهم الصغيرة أو العمل الحر، فذلك يقلل الاعتماد على الوظائف الهيكلية ويساهم في خلق فرص جديدة — حتى لو كانت البداية بمشروع شخصي صغير.
المرونة المهنية:
المرونة هي سلاح النجاح في سوق العمل. على الشاب تقبّل الفرص التي تتيح اكتساب الخبرة، حتى وإن لم تكن مثالية في البداية، فـالخبرة هي العملة الأقوى التي تفتح الأبواب لمستقبل أفضل.
—
2. القطاع الخاص: الشريك الأهم في التوظيف
لا يمكن للقطاع الحكومي وحده استيعاب الأعداد المتزايدة من الشباب، وهنا يبرز دور القطاع الخاص كـقاطرة التوظيف والنمو.
برامج التدريب الموجّه:
ينبغي على الشركات الكبرى والمتوسطة الاستثمار في تدريب الخريجين الجدد، فهذه البرامج تُحوّل المتدربين إلى موظفين منتجين بسرعة وفاعلية.
دعم سلاسل القيمة المحلية:
من خلال تشجيع الموردين والمصنعين الصغار، يمكن للقطاع الخاص المساهمة في نمو المشروعات الصغيرة، وبالتالي خلق فرص عمل جديدة في المحافظات والمناطق النائية.
الاستثمار في الابتكار:
الاستثمار في الأبحاث والتطوير يولد قطاعات اقتصادية جديدة مثل الاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا المالية، وهي قطاعات تُعد مستقبل الوظائف.
—
3. المجتمع المدني: جسر المهارات والفرص
يلعب المجتمع المدني دورًا محوريًا في ربط الشباب بفرص العمل ودعمهم بالمهارات المطلوبة.
حاضنات الأعمال:
تُسهم الجمعيات في إنشاء حاضنات ومسرّعات أعمال لتوجيه الشباب في تطوير أفكارهم الريادية وتأمين التمويل اللازم لمشاريعهم.
التوجيه المهني:
تنظيم ورش عمل لتعليم مهارات البحث عن وظيفة، وكتابة السيرة الذاتية، واجتياز المقابلات، مع توفير منصات للتشبيك المهني بين الشباب وسوق العمل.
—
الخلاصة
إن التغلب على البطالة مسؤولية مشتركة تبدأ من الفرد وتنتهي بالمجتمع.
فعندما يتحمل الفرد مسؤولية تطوير نفسه، وينخرط القطاع الخاص بجدية في دعم الكفاءات، وتساند مؤسسات المجتمع المدني عملية التمكين، نكون قد وضعنا الأساس لنمو اقتصادي مستدام، وخرجنا من دائرة الاعتماد إلى دائرة المبادرة والإبداع.